صيف 2025: السوشال ميديا بين غياب الترندات وتعدد الاهتمامات

Getting your Trinity Audio player ready...

في كل صيف من الأعوام السابقة، اعتادت المنصات الرقمية على استقبال موجة ترندات موحّدة تهيمن على النقاشات العالمية، سواء كانت أغنية شهيرة، تحديًا راقصًا على “تيك توك”، أو قضية ثقافية كبرى. لكن صيف 2025 يبدو مختلفًا بشكل لافت، إذ يصفه خبراء الثقافة الرقمية بـ”الصيف بلا ترندات”. حالة تشتت جماعي جعلت المشهد الرقمي أكثر انقسامًا وتعددًا، حيث يبحث كل فرد أو مجموعة عن محتواها الخاص بدلًا من الانجراف خلف موجة عالمية واحدة.

1. تفكك “الثقافة المشتركة”

في السنوات الماضية، عاشت السوشال ميديا على وقع “ثقافة مشتركة” مثل Barbiecore التي اجتاحت عالم الموضة بعد فيلم “باربي”، أو موجة Brat الموسيقية التي شكّلت لغة شبابية جديدة. أما اليوم، فلا وجود لموجة موحّدة من هذا النوع.
موقع Business Insider أطلق على هذه الظاهرة تسمية Brain Rot Summer، في إشارة إلى أن صيف 2025 يفتقد إلى “أغنية الصيف” أو “لحظة الثقافة الشعبية” التي تجمع الملايين حول فكرة واحدة.

2. الموضة: تنوع بلا مركزية

في مجال الموضة، أظهر تقرير Vogue Business أن الاتجاهات هذا الصيف متفرقة جدًا:

  • عودة الصنادل البسيطة (flip-flops).
  • تصاعد شعبية فساتين Pucci ذات النقوش الملوّنة.
  • بروز ألوان لافتة مثل النيللي و”الزبدة الصفراء” (Butter Yellow).

لكن رغم هذه الصيحات، فهي تظل جزئية ومحصورة بجماهير محددة، دون أن تكتسب زخمًا عالميًا شاملًا كما حدث مع “Y2K Fashion” أو “E-girl Aesthetic” في الأعوام الماضية.

3. منصات التواصل: صدى محلي لا عالمي

  • على تيك توك، تسيطر مقاطع قصيرة محلية النطاق: أغنيات شعبية في الهند، تحديات كوميدية في البرازيل، ومقاطع توعية في الشرق الأوسط. لكن لا أحد منها وصل إلى خانة “الترند العالمي”.
  • على X (تويتر سابقًا)، تتصدر الوسوم المحلية حسب الأزمات السياسية أو الحوادث اليومية، مثل وسم #AirtelDown في الهند أو نقاشات حول قرارات اقتصادية في بريطانيا وأمريكا.
  • في المنطقة العربية، تميل الترندات إلى الجمع بين الترفيه والرياضة، مثل تفاعل الجمهور مع المباريات الكروية، إلى جانب محتويات موسمية كحفلات الصيف والمهرجانات.

4. التحول نحو الخصوصية والتجزئة

اللافت أن صناع المحتوى والعلامات التجارية باتوا يستثمرون في التجريب والخصوصية، أكثر من محاولتهم خلق “ترند عالمي”.

  • بعض الحملات الإعلانية تعتمد الآن على الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع مخصصة لجمهور صغير جدًا.
  • بدلاً من هاشتاغ عالمي واحد، هناك مئات الهاشتاغات الصغيرة التي تعكس اهتمامات مجتمعات مصغرة على الإنترنت.

يمكن القول إن غياب الترندات الكبرى يعكس تحولًا في طبيعة استهلاك الثقافة الرقمية. فبدلاً من “المحتوى الجماعي” الذي يوحّد التجربة الرقمية، أصبحنا في عصر المحتوى المتعدد والمتشظي، حيث يعيش كل شخص فقاعته الرقمية الخاصة.
هذا التحول قد يحمل إيجابيات، إذ يمنح المستخدم حرية أكبر في اختيار ما يناسبه، لكنه في الوقت ذاته يفتقد عنصر “التجربة المشتركة” الذي كان يربط الناس بترند واحد حول العالم.

صيف 2025 يعلّمنا درسًا مهمًا: السوشال ميديا لم تعد بحاجة إلى ترند عالمي واحد كي تبقى نشطة. بل إن تنوع الأصوات والاهتمامات جعلها أكثر ثراءً وتعددًا، حتى وإن غابت “أغنية الصيف” أو “لحظة الثقافة الكبرى”.
ويبقى السؤال: هل هذا التحول هو مجرد استراحة عابرة من الترندات الجماعية، أم أننا بالفعل دخلنا مرحلة جديدة من الإنترنت، حيث لم يعد العالم يرقص على إيقاع واحد؟

Related Posts

الذكاء الاصطناعي التوليدي: كيف يُشكّل المشهد الراهن ويُعيد رسم المستقبل؟

منذ أن أصبحت قدرة الأجهزة على التعلّم الذاتي وتوليد المحتوى حقيقة ملموسة، انبثق ما يُعرف بـ «الذكاء الاصطناعي التوليدي» (Generative AI) ليصبح أحد أبرز التحولات التكنولوجية في عصرنا. إذ بات…

الاتجاهات العامة “ترند اليوم” بدقة… بناءً على البيانات المتوفّرة

مع تسارع وتيرة التحوّل الرقمي وتزايد حضور السوشال ميديا في الحياة اليومية، بات من الصعب تحديد “ترند اليوم” بدقة من دون أدوات تنصّت مباشر. لكن البيانات المتوفّرة تُظهر أمورًا تتكرّر…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *