“قرار خفض استقطاع القروض السكنية.. انفراجة مالية للأسر السعودية؟”

يشهد القطاع المالي والعقاري السعودي تحوّلاً نوعياً بعد إعلان تعديلات اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني يوم الجمعة، في وقت تواكب فيه البنوك التوجه الجديد بخفض نسبة الاستقطاع الشهري من 65% إلى 55% في القروض العقارية والشخصية، هذه الخطوة تعكس إعادة صياغة العلاقة بين الدخل الأسري والسياسات التمويلية، وتؤسس لمرحلة أكثر انضباطاً في إدارة السيولة على مستوى الأسر والأفراد.

إعادة ضبط نسب الاستقطاع تعني أن التمويل العقاري أصبح جزءاً من منظومة متكاملة تهدف إلى دعم القدرة الشرائية ورفع جودة الحياة، فالقسط السكني حُدد عند 33% من دخل المتقدم، مع سقف زمني للسداد لا يتجاوز خمسة وعشرين عاماً، وضمان أن يكون عمر المتقدم دون الخامسة والستين عند نهاية الالتزام، هذه المعايير الجديدة تسد الفجوة بين مستوى الدخل وحجم التمويل، وتمنح الأسر مساحة مالية قادرة على مواجهة متطلبات المعيشة.

اقتصادياً، الإصلاح يحد من مخاطر التعثر ويرفع كفاءة المحافظ الائتمانية للبنوك، ويضخ سيولة أوسع في الدورة الاقتصادية من خلال تحرير جزء من الرواتب للإنفاق الاستهلاكي. كما أن ربط الدعم السكني بنسبة من الدخل يخلق معادلة شفافة بين الإيرادات والالتزامات، ما يعزز الانضباط المالي ويحاكي أفضل الممارسات العالمية في إدارة التمويل.

الأرقام تكشف حجم التأثير المرتقب، إذ تجاوزت القروض العقارية في السعودية 880 مليار ريال بنهاية النصف الأول 2025، تمثل أكثر من 20% من إجمالي محفظة القروض في القطاع البنكي ومع دخول إصلاحات الاستقطاع والدعم حيز التنفيذ، يتوقع أن تنخفض معدلات التعثر بما يقارب 15% خلال السنوات الثلاث القادمة، وأن ترتفع القدرة الشرائية للأسر بما يعادل 8% نتيجة تحرير جزء من الدخل للإنفاق غير السكني. هذه التحولات لا تعزز فقط استقرار السوق العقارية، بل تنعكس على قطاعات أخرى مثل التجزئة والخدمات والسياحة.

اجتماعياً، القرار يوازن بين حق المواطن في التملك وحاجته إلى حياة مستقرة لا ترهقها الأقساط الشهرية. الأسر التي كانت تواجه معادلة صعبة بين القروض والاستهلاك تجد اليوم متنفساً أوسع للتخطيط المالي، وهو ما ينعكس على مستوى الاستقرار الأسري ويقلص من الأعباء التي كانت تضغط على الطبقة الوسطى.

إستراتيجياً، الإصلاحات تمثل جزءاً من خريطة رؤية السعودية 2030 التي جعلت ملف الإسكان ركيزة أساسية في برنامج جودة الحياة. الانتقال من التوسع غير المنضبط في الإقراض إلى سياسات ممولة بمعايير واضحة يرسخ الثقة في القطاع العقاري ويدفع باتجاه سوق أكثر استدامة وقدرة على جذب الاستثمارات.

القرارات الأخيرة لا تُقرأ كأرقام مجردة، فهي تعبير عن فلسفة اقتصادية جديدة تُعيد بناء التوازن بين الدخل الفردي والسوق العقارية، وتؤسس لمرحلة يكون فيها السكن أداة للتنمية والاستقرار، ومؤشراً على نضج السياسات المالية في المملكة.

Related Posts

“القيادة المحلية في حائل تشارك أسرة المهيزع أحزانهم بوفاة أحد أفرادها”

قدَّم نائب أمير حائل الأمير فيصل بن فهد بن مقرن بن عبدالعزيز، التعازي والمواساة لأسرة المهيزع في وفاة فقيدهم سعود بن لزام المهيزع رحمه الله. جاء ذلك في زيارته لمنزل…

“خادم الحرمين وولي العهد يوجهان تهنئة للرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر”

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، برقية تهنئة، لرئيس مصر عبدالفتاح السيسي، بمناسبة ذكرى يوم العبور لبلاده. وأعرب الملك، عن أصدق التهاني وأطيب التمنيات بدوام الصحة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *