
Getting your Trinity Audio player ready... |
كشفت الدكتورة مشاعل الحماد، المتخصصة في الأدب الإنجليزي والأمريكي، أن دوافعها للانخراط في الترجمة الأدبية جاءت من رغبتها في مواجهة الصور النمطية المشوّهة التي روجتها بعض الكتابات الغربية عن العرب والمسلمين، مؤكدة أن هذه الممارسات الاستشراقية دفعتها لتبني مشروع بحثي يهدف إلى إعادة تقديم النصوص العربية بروحها الأصيلة.
البداية مع أرشيف القرن التاسع عشر
تقول الحماد إن شغفها بالترجمة بدأ خلال إعداد أطروحة الدكتوراه، عندما قضت وقتاً طويلاً بين الوثائق البريطانية في القرن التاسع عشر. هناك اصطدمت بمقالات تُظهر المسلمين والثقافة العربية في صورة مختزلة وبعيدة عن الواقع، حيث كان المترجمون الغربيون يتعمدون تحريف النصوص لتتماشى مع توجهاتهم الفكرية. ومن هنا ولدت لديها قناعة بأن الترجمة ليست نقلاً لغوياً فحسب، بل وسيلة لفهم الثقافات وتصحيح الصور المغلوطة.
مؤلفات وبحوث عابرة للثقافات
أوضحت الحماد أن أبرز أعمالها تتمحور حول مجالين:
- الترجمة الأدبية، حيث درست سيرة عمر بن سعيد المكتوبة بالعربية في أمريكا مطلع القرن التاسع عشر، وسيرة إيملي روت التي حاولت الدفاع عن صورة المرأة العربية.
- الأدب العابر للأطلسي، حيث تناولت كيفية انتقال النصوص بين أمريكا وبريطانيا وإعادة تفسيرها، مع تطبيقات على كتاب بارزين مثل ولت ويتمان وهنري لونغفيلو.
كما نُشرت لها ترجمات لقصص آرنست همنغواي، وهي تعمل حالياً على مشاريع لترجمة نصوص تاريخية وروايات عالمية لإثراء المكتبة العربية.
تحديات الترجمة الأدبية
ترى الحماد أن الترجمة الأدبية تواجه عقبتين أساسيتين:
- المترجم نفسه، إذ يتطلب الأمر ذائقة أدبية وفهماً عميقاً للسياق الثقافي والتاريخي.
- تعدد التأويلات، حيث يحمل النص الأدبي طبقات دلالية ورموزاً قد لا تُختزل في معنى واحد.
وتشدد على أن المترجم الأدبي هو “مبدع” لا مجرد ناقل، إذ عليه أن يحافظ على روح النص وينقل تأثيره العاطفي والجمالي.
بين الترجمة الحرفية والحرّة
توضح الحماد أن الترجمة الأدبية تتطلب توازناً بين الحرفية والحرية. ففي حين يُفضل الالتزام بالترجمة الحرفية مع العناصر الثقافية والتاريخية للحفاظ على الهوية الأصلية، قد تكون الترجمة الحرة أكثر ملاءمة لنقل الإيقاع والصور الشعرية إلى اللغة المستهدفة.
الشعر.. الأصعب في الترجمة
تعتبر الحماد أن الشعر هو النوع الأدبي الأكثر تعقيداً في الترجمة، لاعتماده على الإيقاع والصور البلاغية والرمزية الخاصة بكل لغة، مؤكدة أن أفضل مترجمي الشعر غالباً ما يكونون شعراء أنفسهم.
الذكاء الاصطناعي والترجمة الأدبية
ترى الحماد أن الذكاء الاصطناعي قد يقدّم دعماً للمترجمين عبر توفير مسودات أولية أو بدائل، لكنه لا يستطيع أن يحل محل المترجم البشري في استيعاب التجارب الإنسانية العميقة والطبقات الثقافية للنصوص. وتشير إلى أن المستقبل سيكون تعاونياً بين الذكاء الاصطناعي والمترجم البشري، مع بقاء “الروح الإنسانية” عنصراً لا يُستغنى عنه.