“حكاية أطول الأعمار.. ماذا وراء بقاء معمّرة حتى 117 سنة؟”

كشفت دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة «Cell Reports Medicine» عن تحليل الجينوم لماريا برانياس موريرا، المرأة الأمريكية المولد والإسبانية التي توفيت في أغسطس 2024 عن عمر 117 عاماً و168 يوماً، بعد أن أصبحت أكبر معمرة في العالم.

الدراسة، التي أجراها فريق بقيادة الدكتور مانيل إستيلر من معهد أبحاث سرطان الدم خوسيب كاريراس في برشلونة، كشفت أن سر طول عمر برانياس يكمن في مزيج من جينات استثنائية وأسلوب حياة صحي.

وبحسب الدراسة، أخذ الباحثون عينات من دم برانياس ولعابها وبولها وبرازها قبل وفاتها، وقارنوا جينومها مع جينومات 75 امرأة إيبيرية أخرى، وخلصوا إلى أن نصف طول عمرها يُعزى إلى جيناتها الفريدة، التي حمتها من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر مثل أمراض القلب وتراجع الإدراك، بينما ساهم أسلوب حياتها الصحي في النصف الآخر.

وقال إستيلر لوسائل إعلام عالمية: «كانت سيدة محظوظة منذ البداية، وحصلت على ميزة إضافية من خلال حياتها».

وبحسب الدراسة، عاشت برانياس، التي وُلدت في سان فرانسيسكو عام 1907 واستقرت في كتالونيا بإسبانيا منذ عام 1915، في دار رعاية لمدة 22 عاماً، لم تدخن أو تتناول الكحول أبداً، وكانت تتبع نظاماً غذائياً متوسطياً غنياً بزيت الزيتون، مع تناول ثلاث حصص يومية من الزبادي، كما مارست المشي لمدة ساعة يومياً واستمرت في العمل حتى أصبح ذلك مستحيلاً. افترض الباحثون أن تناولها المنتظم للزبادي ساهم في الحفاظ على ميكروبيوم الأمعاء مشابهاً لشخص أصغر سناً، مما قلل من الالتهابات في جسمها.

وأوضحت البروفيسورة كلير ستيفز من كينغز كوليدج لندن، التي لم تشارك في الدراسة، أن حب برانياس للزبادي قد لا يكون السبب الوحيد لصحتها العامة، لكن ميكروبيومها يعكس «أنها كانت مضيفة ممتازة لهذه الميكروبات بفضل عوامل أخرى إيجابية في جسدها».

وأشادت ستيفز بمستوى التفاصيل في الدراسة، واصفة إياها بـ«الاستثنائية»، مشيرة إلى أنها الأولى التي تحلل آليات الشيخوخة بهذا العمق في حالة معمرة فائقة.

وحدد الباحثون جينات محددة لدى برانياس، بما في ذلك جين يعزز وظيفة المناعة والاحتفاظ بالإدراك، وآخر يحسن استقلاب الدهون، وثالث يرتبط بصحة الدماغ وأمراض القلب.

وأظهرت الدراسة أن «العمر المتقدم للغاية والصحة السيئة ليسا مرتبطين جوهرياً»، مما يشير إلى أن المرض في الشيخوخة ليس حتمياً ويمكن تغييره عبر تدخلات بيولوجية.

وحذرت ستيفز من تعميم نتائج دراسة فرد واحد، مشيرة إلى أن عملية الشيخوخة تختلف من شخص لآخر، لكنها أكدت أن تحليل برانياس يقدم رؤى قيمة.

وأضاف إستيلر أن تحديد الجينات والبروتينات المرتبطة بالشيخوخة الصحية قد يوجه تطوير أدوية تستهدف هذه العناصر، وقالت ستيفز: «هدفنا ليس بالضرورة أن نعيش جميعاً إلى 117 عاماً، بل تقليص فترة المرض والمعاناة إلى أدنى حد ممكن، وهذا ما بدا أن برانياس قد حققته».

وتدعو الدراسة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتكرار النتائج في معمرين فائقين آخرين، مع التركيز على الجمع بين الجينات وأنماط الحياة لتعزيز الشيخوخة الصحية.

وتُظهر قصة برانياس، التي كانت تُعرف بعبارة «أنا عجوز، عجوز جداً، لكنني لست غبية» في سيرتها على إكس، أن الجمع بين الحظ الجيني وأسلوب الحياة الصحي يمكن أن يطيل العمر بشكل استثنائي.

Related Posts

“أخلاقيات أبحاث الأدوية بين العلم والمال: سيطرة القطاع الخاص”

يُفترض أن تكون لجان مراجعة أخلاقية مستقلة تحمي المشاركين في تجارب الأدوية من المخاطر غير المقبولة. لكنّ تقريراً لصحيفة نيويورك تايمز كشف وجود روابط مالية بين شركات الأدوية ولجان المراجعة…

كيف يستفيد جسمك من قشر القهوة؟

–> <!– –> تابعوا عكاظ على تنقية الجهاز الهضمي تعزيز حرق الدهون تقليل احتباس السوائل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *